حسن سليفاني
" شهادة ادبية حية عن بسالة المنتفضين في گهلی زاخو في 1991/3/31"
دون وعي رميت المايكرفون، أغمضت عينيك وفتحتهما ثانية، رفعت رأسك، وقلت لـ بيار:
- هناك ما هو أهم من هذا.
بذلك الوجه الحزين، نظرإليك وقال لك:
- لم تبق أمامنا خيارات أخرى.
- مع السلامة.
- سألتحق بك ـيضاً.
حينما تركت الغرفة، ووصلت ساحة متوسطة بدرخان، التي كانت قد غدت المقر الرئيسي لقيادة العمليات، أحسست أن أوراق الأشجارأيضاً مليئة بالألام والأشجان، وليست باسمة كما كانت قبل أيام، نظرت إلى أولئك الناس المندهشين والخائفين والذين غادر الدم وجوههم، نار جهنمية كانت تغلي في داخلك، وتحرق أعماقك، التفتَ خلفك، نظرتَ ثانية إلى حيطان المدرسة، وبغضب غادرت.
تلك المقرات كانت قبل ساعة واحدة مليئة بالألوان والأصوت والسلاح والعتاد والغناء والشجعان، غدت صامتة.
لم يكن أهل زاخو والذين حلَّو ضيوفاً عليها يسيرون كالسابق مدججين بالسلاح والعتاد، والبعض منهم كان قد غدا تمثالاً صخرياً شامخاً قرب حيطان الدكاكين.
قلت في سرك أين أنتم يا أصحاب المسدسات والبنادق والجعب المرصعة بالعتاد والرمانات؟ أين أنتم يا أصحاب الألسنة الطويلة؟؟
بغضب سلكت درب بيت عمك، واندهشت من سرعة وصولك حينما دخلت البيت، ركض نحوك (دلو) صغيرك ذو السنتين وقال:
- جاء أبي...جاء أبي.
بهدوء غادرت خيوط الغضب وجهك، بقلب مفعم بالحسرة قلت لنفسك (ما ذنب هذا الطفل أن يقتل؟ أو أن لا يرى أباه بعد اليوم؟؟).
رفعت طفلك عن الأرض واحتضنته، وقبلته كثيراً، التصق هو أكثر بصدرك، ثانية قبلته، أخذته إلى الغرفة وبهدوء أعدته إلى الأرض، قبل أن تتكلم أمه قلت لها:
- هاتي سلاحي وعتادي.
هاجمت الغيوم القاتمة حالاً وجهها الوردي. تغيرت ملامحها، أسئلة ميتة بدأت الرقص على شفتيها المحتارتين، غدت الكلمات في حلقها مخالب محراث حديدي. بعينيها اللتين تجيد فهم لغتهما قالت لك:
- يقولون أن الجيش يتحرك الآن صوب دوبان وگهلی زاخو. أين خنادقنا الدفاعية؟
- لا تخافي، إنهم يستعدون الأن للدفاع، والگهلی مليء بالرجال والكل يقصده لصد الهجوم.
- كان الأولى، ومنذ اليوم الأول للإنتفاضة، التفكير الجدي في هذا اليوم الأسود، وحماية الگهلی، وسميل ودهوك وأن لا يكونوا تائهين كما اليوم.
- لا تأبهي فالگهلی آمن وفيه من يحميه.
- وهل نبتغي غير هذا، وليقضم الله ظهر الجيش إن شاء الله.
توجهت نحو المطبخ، وضعت أمامك صينية برغل مع خبز مرشوش بالماء، جلست قبالتك، تأملتها جيداً، تأملتك جيداً، بهدوء كانت الهموم تغادر وجهها وتهرب، كان الورد والبيبون ثانياً يسكن وجهها، بدلال قالت لك:
- ما بك تنظر إليَّ؟
- أحبك.
- أعرف ذلك.
- أحبك كثيراً.
- كأنك ستموت؟
- لا أعتقد ذلك، فالوقت مبكر للموت.
- هيا كل.
تناولت بضع معالق من البرغل، وارتشفت نصف كأس ماء، غيرت البنطلون الكاوبوي الذي كنت ترتديه، ولبست الشروال الذي جلبته معك من مالطه.. أحكمت ربط الجعبة النسيجية المزدانة بالشواجير المليئة بالرصاص، ولففت الغطرة القديمة حول رقبتك, ابتسم ابنك زيرفان ذو السبعة السنين وقال:
- أنظروا إلى أبي كيف غدا بیشمرگه؟
حينما تناولت الكلاشينكوف، تمكنت حماتك بصعوبة أن تقول:
- ماذا ستفعل بالله عليك؟
علقت البندقية بكتفك وقلت لها:
- سأذهب إلى الگهلی.
- أي گهلی وأي قتال!! ما دخلك أنت.
- أتريدينني أن أجلس، وأطأطيء رأسي ليأتوا ثانية ويركبوننا؟
- ما الذي ستغيره أنت؟
- إذا لم أتصدى أنا وأولادك وشباب المدينة ما قيمتنا إذاً؟ ولم وجودنا؟
- لكن... لكن..
- كفى...كفى.. سأذهب يعني سأذهب، انتبهي للأولاد.
قبل أن تغادر قال لك زيرو:
- أنا أيضاً أريد أن آتي معك
- لماذا يا ولدي؟
- لكي أساعدك.
- وكيف ستساعدني؟
- سأعبيء الشواجير لك للإطلاقات، بالله أني أجيد ذلك تمرنت على ذلك خلال هذه الأيام.
- لا زال الوقت مبكراً بالنسبة لك يا ولدي، أنتظر سيأتي يومك أيضاً ولتقاتل.
حقاً فرحتَ لكلام زيرهڤان وارتسمت ابتسامة على شفتي أمه قبل أن تخرج قالت أمه لك:
- بالله عليك انتبه لنفسك، كن يقظاً.
ألتفت نحوها وبلغة العيون قلت لها:
- وهو كذلك.
حينماابتعدت خطوات عن البيت، وصلك صوت حماتك:
- لترافقك السلامة يا ولدي.
* * *
كانت الشمس الملتهبة في كبد السماء تنشر أشعتها الذهبية فوق قسم من جبل (بێخێر) وجسر دلال ونهر الخابور الغاضب المتهور.
قبل أن تصل إلى ساحة بارزان، نصب العرق خيمته وسط جبينك، بهدوء أخرجت كفيتك الصغيرة من جيب الشروال، ومسحت بها العرق، بغضب نظرت إلى الكازينو الرياضي الذي احتضن قبل ستة أيام أحد قادة الجبهة الكوردستانية الذي ألقى خطاباً جميلاً ومعقولاً بمناسبة الإنتفاضة الباسلة وتحرير قلب كردستان (كركوك).
ابتلعت ريقك وقلت: أين الناس الذين تجمعوا حوله ولم يدعوه يكمل خطابه من شدة التصفيق؟
قرب المستوصف شاهدت " جهكهر" رفع يده اليمنى وبشوق اتجه نحوك, ضرب بكفه جعبتك وقال:
- مع من أنت لاوك؟
- أنا وحدي، لكن الزملاء في الإعلام قد قالوا سنذهب معاً، موعد اللقاء في المقر.
- انتظرني سأجلب بندقيتي وأتناول شيئاً ما وآتي.
- حسناً، لا تتأخر.
في تلك الأثناء سلم عليكما شاب حسن الهندام والقوام وقال:
- أحقاً أن الجيش والدبابات قد وصلوا السهل؟
أجابه جهكهر على الفور:
- أوَلا تعلم ذلك حقاً!!؟
- يا إلهي ماذا سنفعل اذاً؟
حينما تكلم بهذا البرود القاتل والصبيانية المعلنة، دون وعي منك، غدوت ناراً حارقة وصوبت يدك نحو وجهه وبصلابة قلت له:
- المهم سلامتك أنت ورباطك وحذاؤك الذي يلمع،ألا تخجل من قولك هذا؟ أوَ لست رجلاً أيها التافه ألا تستطيع حمل السلاح؟ تباً لك ولأمثالك..
ارتبك كثيراً، أمتلأ جبينه بالعرق، ارتجفت يداه، بذلٍ معلن خفض عينيه نحو الأرض، لم ينطق بكلمة
- مع السلامة.
قلت للأثنين وتركتهما.
كانت مجموعة من السيارات واقفة قرب المقر. الرجال المسلحون كانوا قد استعدوا للقتال.
فجأة ارتفع صوت ملا بلحيته البيضاء وهيئته الوقورة:
- هيا أيها الشباب، هيا أيها الشجعان، هذا يوم كل من يملك الغيرة والناموس... شهيد من يموت اليوم في سبيل أرضه وعرضه.. شهيد من يسقط في هذا اليوم في سبيل كرامة وطنه... هيا أيها الكرد يا أحفاد الشيخ سعيد پيران والبارزاني الخالد.. هيا يا أحفاد كاوه هيا إلى السيارات وقاتلوا العدو اللئيم الهزيل الذي أنهكه التعب والجوع.. هيا يا عشاق الكرداتية، هيا يا أحباب كردستان... سلمت أياديكم يا أوالادي... لينصركم الله، وليقضم ظهر عدوكم.. هيا يا شجعان الكرد، رافقتكم السلامة.
كان خطاب الملا مؤثراً جداً، وأعطى للمقاتلين قوة أخرى لكي يسرعوا إلى السيارات التي ستقلهم إلى قلب الگهلی.
حينما أردت أن تستقل الكوستر، وقف أمامك الصحفي ريتشارد بكامرته وشعره الطويل وقال لك بالإنگلیزية:
- هل بإمكان الپارتي أن يوفر لي سيارةً إلى الگهلی؟؟ أريد أن أصور الحدث.
- سأسأل..
أخذته معك إلى داخل المقر وقلت للشاب الذي يتمتع بمسؤولية ما:
- هذا الصحفي يود تصوير المعركة، هل بالإمكان توفيرسيارة له ؟
- من قال لك أن تأتي به إلى هنا؟ ألا ترى حالنا؟
- بلى إني أرى حالكم الذي يرثى له، وكيف تصطدمون ببعضكم مثل المذهولين ولا تعرفون كيف ستتصرفون.
- أذهب.. أذهب ليش وقته الآن.
مسكت يده وسحبته نحو سيارة كوستر كانت على وشك الإنطلاق. نظرت حولك في داخل السيارة، رأيت أحد أصدقائك، ألقيت عليه التحية.
انطلق السائق ورفع صوت المسجل فكان يتراءى لك الفنان الثوري شڤان وأنت تنصت بخشوع إلى أغنيته الحماسية (ههرنه پێش) تقدموا..تقدموا.. اليوم يومكم.
* * *
حينما فتحت النافذة قربك، قبلك النسيم في ذلك الجو الملتهب، ببطء كنتم تودعون بيوت حي الحسينية، كان ريتشارد من خلال كامرة الفيديو يصور زاخو.
حينما اقتربت السيارة من رأس الحي قرب ضفة الخابور العاصف، قال الشاب الواقف قرب باب الكوستر للسائق والذي كان قد نبتت شعيرات صفراء لتوها في وجهه.
- بالله عليك انتظرني لدقيقة واحدة لا أكثر، سأجلب بندقيتي من البيت وآتي.
قفز من السيارة قاصداً البيت، وبلمح البصر خرج حاملاً بندقيته، وصوت أمه يصلنا:
- انتبه لنفسك يا ولدي، هيا بسرعة التحق بأبيك وأخويك.
- هذا ما سأفعله يا أماه..
نظر الرجل المحمر الوجه من خلال البرنو والذي كان يبدو من قسمات وجهه أنه بیشمرگه قديم وقد خبر الحياة، إلى الشاب المشتاق للحرية الذي صعد السيارة فرحاً وقال له:
- ستكون كردستاننا بخير وعز طالما تزدهر بالشباب من أمثالك بارك الله فيك يا ولدي.
قبل أن تجتاز الجسرما كنت تستطيع إلا أن تنظر إلى أمواج الخابور، كانت أشعة الشمس ترقص بجنون على سطح الماء، التفت نحو الخابور وقلت له في سرك:
- سأعود ثانية وسأرتوي من مائك دوماً.
في رأس محلة الكندك أيضاً كان الرجال يجتمعون ويقصدون الگهلی سيراً على الأقدام، كانت دموعك تنهمرمن الفرح وأنت تشاهد هذا المنظر الرائع.
حينما تركتم نقطة التفتيش خلفكم، أحنت الصخور والأشجار في مدخل المدينة رؤوسها لكم، وبطريقتها الخاصة قدمت التحية، فوراً عدت إلى الوراء، وكانت الكلمات التي كنت قد كتبتها في ربيع أربع سنوات مضت في الموصل بعنوان (طريق الشمس) تنتظم في داخلك وأخذت تعيدها ثانية لجمال كردستان وطبيعتها.
ها أنا ذاهب لخط النار
كما الشجعان الأسود
لأحمي الوطن العزيز
من حقد العدو اللئيم
لكي يواصل أطفالنا بناء بيوت الرمل
قرب ضفاف الخابور
وليبتسوا دوماً لنا
وللثلج الناصع البياض
النائم فوق الجبل الأبيض
* * *
حبيبتي
قسماً بجمال عينيك
ولا أعز من عينيك
إلا الوطن
وروحي فداء للوطن
لو عدت سالماً بكبريائي
لو عدت بالغناء والحرية
سأحيك لك من خيوط القمر شالاً
أطوق به خصرك النحيل
الذي لم أرتوي منه بعد
بيديّ هاتين اللتين تفوح منهما
رائحة البارود والحرب
* * *
حبيبتي
سأصنع لك من شعاع الشمس قلادة
وأغمسها في ماء الورد
إكراماً لرقة عنقك
التي ينبع منها الجمال
لكي تبقى دوماً
سيدة الحب
وروعة الحياة
يا حبيبتي
* * *
لكن لو اشتاقت الأرض لي
ونادتني
واحتضنتها وقبلتها، شممتها
من الأعماق بجنون
وكتبت بدمي اسمي
أنا الأبن البار للكرد
حفيد الشجعان
فتى الجبال
وحلقت عالياً روحي
على أجنحة الحمامات البيض
بفرح وحبور
بغناء وسرور
إلى سماء العالم الآخر
ورأيت بريق دمي
لا تأبهي أبداً
ولا تحزني
فغداً صباحاً
ستنتشر روحي مع عين الشمس
سيغدو قمر الليل
لساناً أبيض كالنور
وسيقول لك
ولأصدقائي
ورفاق الجبل
بصوت لا مثيل له
انا حي لا أموت
أنا قبج جبلي سأشدو
دوماً قرب قمم جبالي
سأشدو وأطير دوماً
ولن أموت أبداً...
***
قرب تلال قرية (حسن ئاڤا) كان بإمكانكم سماع صوت انفجار القنابل المدوية. تمعنت النظر كثيراً في بقايا القرية..كنت تود أن تسأل شجيراتها التي دمرت منذ أكثر من ثلاثين سنة.. يا لهذه السنين التي أجبرت أهالي القرية على تركها رغما عنهم!! منذ سنين وهذه الرقة مشتاقة لرؤية شبابها وصبيانها..ما تزال القرية في انتظار مناجل فلاحيها..
- هل اقتربنا من ميدان المعركة؟
هذا ما قاله الصحفي ريتشارد الذي وضع كامرته فوق فخذه وأخرج دفتراً من جيبه.
التفت حولك وقلت له:
- لا نزال بعيدين عن ميدان المعركة، حينما نغدو في عمق الگهلی سنقترب من حدود النار.
- هذه آثار قرية، أليس كذلك؟
- أجل هذه قرية حسن ئاڤا، انظر كيف كان النظام الهمجي قد اتخذ منها مقراً عسكرياً.
بهدوء كان القلم ينساب بين أصابعه على الدفتر الصغير، لم تعلم ماذا يكتب.
رفع رأسه عن الدفتر وقال لك:
- هل أن قواتكم هيأت مستلزمات الدفاع والقتال؟
تصارعت أمواج الحسرات القاتلة في داخلك. ماذا تقول له؟ ماذا تخفي عنه؟ هل تقول له أننا كنا في نزهة؟ وفي نشوة الإنتصار نسينا ترتيباتنا الدفاعية؟ هيا أيها اللاوك قل له ما تراه مناسباً، وأنقذ نفسك من هذا السؤال الكبير.
- أجل، أجل وسترى ذلك بأم عينيك.
هز رأسه وهو يلتفت يميناً ويساراً:
- يا لجمال موطنكم، هذه الأشجار الخضراء والصخور الجميلة تستحق أن يضحى من أجلها..اتمنى لكم السعادة في وطنكم.
- شكراً لأمنيتك ونحن على يقين أنها تستحق وإن طال الزمن.
- أني أرى آمالاً لاحدود لها في عيونكم.
- لأننا أصحاب حق ولا نريد غير حقنا في أرضنا.
حينما اقتربنا أكثر من عمق الگهلی بدأت أنوفنا تستقبل رائحة البارود والقذائف الصارخة بغضب.
***
- حقاً أين أنت الآن يا عروبة بركات؟ هل دونت انطباعاتك عن جولتنا الحرة بين الناس والبیشمرگه؟؟ والصور اللتي التقطيتها للمدينة، هل ستصل المجلة؟
هل تتخيلها وهي تستغيث الآن ببراءة، لكي تجد لها مخرجاً من هذه الحالة الحرجة التي هي فيها الآن، يا للأسى الذي يحاصرها الآن!! حتماً أن العم عبدالله قد هب لنجدتها..
منذ الوهلة الأولى التي رأيتها فجاة بين صفوف البیشمرگه، في مقر العمليات وهي تتحرك بخفة وثقة بالنفس، وقبل أن تتجه نحوكم في غرفة الإعلام الصغيرة، وتلتقط لكم الصور، أحسست بهدوء تام.. وما أن طرحت اسئلتها عن الإنتفاضة، وأجاب عنها الزملاء..حتى كنتما تحسان أنكما قريبان من بعض.. دعوتهما لجولة حرة في زاخو برفقة "بيار".. زرتما السوق، المقبرة، الخابور، جسر دلال، التقطما بعض الصور معاً.. أصرت أن تكسر القاعدة الكردية في الضيافة.. دعتنا لتناول الطعام في غرفتها في فندق بغداد..بدا للكباب الذي بين أيديكما نكهة أخرى، حين بدأ الكلام في الأدب والثقافة... كنتما أنت وبيار طلقين في الكلام وفرحين جداً، لأنها كانت تشعر بالأمان معكما...
شرحت لكما بشوق قصة عبورها النهر بقارب خشبي، والخوف الذي انتابها أثناء ذلك, وكم كانت لابتسامتها إشراقة، وهي تتحدث بحب وسرور عن البیشمرگه الذين استقبلوها بود واحترام..كان الفرح يسافر في أرجاء الغرفة وهي تصف تلك اللحظات التي قبلت عيناها جمال الجبال الكردستانية وهي تشم رائحة الأزهار النوروزية البهية الملونة.
لن تستطيع أبداً أن تنسى كلماتها الرقيقة:
- كم أنتم طيبون يا أهل كردستان!!
يا بنت بركات أتمنى أن تكوني بخير الآن..وحتماً سنلتقي، هذا ما يقوله القلب، وأنت تعلمين أن القلب نادراً ما يخطأ.
***
ما الذي أيقظ ذاكرتك الآن؟
ما الذي دفع بأحداث اليوم الأول للإنتفاضة في مالطا بالإستيقاظ من نومها؟؟
هل هو هذا التشكيل الهندسي الجميل من المقاتلين الصبيان الذين لا تتجاوز أعمارهم السادسة عشر، وهم فرحون ببنادقهم المشرعة لفتح النار، والماضون قدما صوب الشمس بثبات!! يا لإنطلاقتهم وغبطتهم؟!
- كم هم فرحون!! أهم ذاهبون إلى استعراض مدرسي؟!
هذا ما قاله رتشارد، وهو يصورهم بشوق.
تذكرت اللحظات الخالدة التي لا تنسى لليوم الأول للإنتفاضة في 14/3/1991 في مالطا، كيف استولى الصبيان والرجال والنساء قبل أن تشرق الشمس على المعسكر الواقع خلف بساتين اللوز قرب ماسيكي وأكوام البنادق التي كان يحملها الصبية وهم يغنون معاً:
تحيا كردستان..تحيا كردستان.
كان منظر الجنود البائسين يدعو للرثاء والأسى، وعلامات الخوف والحيرة والذهول بادية في وجوههم التي غادرها الدم.. كانوا يتوسلون بالأهالي إيواءهم وإطعامهم، كان تصرفاً حسناً، حينما قدمت بعض البيوت بعض الخبز والجبن واللبن والشاي الساخن لهم. وهم يلعنون النظام وأساليبه القمعية في زرع الحقد والفتن بين الناس.
لن تغادر ذاكرتي قط، منظر (زهلو) وهي متحزمة بالعتاد والرمانات وبندقيتها مصوبة صوب السماء، وهي ترقص وتغني:
ئهم پارتينه، پارتينه، لێ يادێ لێ يادێ.
حتى أشجار اللوز استيقظت من نومها مبكراً، وبدأت أوراقها وأغصانها ترقص بهدوء ودلال مع صوت زةلو ورفيقاتها المقاتلات اللواتي ودعن اليوم المطبخ وحلب الأغنام.. يا لروعة المشهد..يا لسحر الحرية!.
ستبقى مشاهد الشموخ لرجال الإنتفاضة في ذاكرتك ما حييت.. كانت مالطا قد غدت قلعة للصمود والبسالة. كان الرجال قد وضعوا المتاريس في الشارع الرئيسي واتخذوا أماكن مخفية لهم قربها..كان تل مالطا الأثري قد غدا نقطة إدارة العمليات..ومن هذا التل كان ينطلق رصاص الموت، نحو صدور أزلام النظام الهاربين من دهوك والذين نجوا من قبضة الثوار..كان الأبطال لهم بالمرصاد، فالسيارات التي احترقت والتي انقلبت او اصطدمت بالأشجار، كانت تروي قصة ارتباكهم اللامحدود، وعنترياتهم الجوفاء.
- إلى أين يا أزلام النظام، مالطا مقبرتكم الأخيرة..
لقد تلون هذا التل بدم أول شهيد يسقط في مالطا، الفنان الشاب " ماجد", عاشق المسرح والرسم، الذي أصر على أن يحمل بندقيته اليوم بدلاً من قناع المسرح أو فرشاة الرسم..
ماجد أيها العزيز، كلماتك الخالدة لن تنسى (لتحيا كردستان..روحي فداء لكردستان..).
ماجد، شظايا المدفعية الهمجية التي ثقبت صدرك المفعم بالحب والشوق للأرض، ألهبت مشاعر المنتفضين واسقطت عشرات القتلى من أزلام النظام المرعوبين الفاريين..
لك المجد يا ماجد، لك الحب يا من رويت الأرض بالدم الطاهر.. ماجد أيها الرائع، ها نحن اليوم ننعم بالحرية وبالشمس وسنسلك دربك دوماً..
توقف السيارة، أعادك من عالم الذكرى، إلى أرض الواقع ثانية.. تقدم المقاتلان المسلحان من السيارة.
- ليكن الله في عونكم، ترجلوا من فضلكم.
قالها الشاب ذو البشرة السمراء، وأضاف باسماً:
- يا هلا بالرجال الرجال، يا أهلاً بعشاق الجبال.
خاطب المقاتل الآخر السائق بلطف وأدب:
- ليتك تسرع الآن بالعودة إلى زاخو يا أخي، وتساهم في نقل المقاتلين إلى هنا.
أخرج السائق سيكارة من باكيته وقدمها للمقاتل:
- على عيني، أنا والسيارة فداء لهؤلاء الشباب الحلوين، خذ هذه السيكارة.
- شكراً لك، هيا أسرع، نحن في انتظار وجبة أخرى من المقاتلين.
بناء على طلب نقطة الاستقبال، انقسم الجمع إلى فريقين، فريق سارباتجاه يمين الشارع والآخر باتجاه اليسار قاصدين الإلتحاق برفاقهم الذين سبقوهم في اتخاذ مواقعهم الدفاعية..
ظل ريتشارد ملازماً لك، حينما ارتقيتما التلة المزدانة بالشجيرات الصغيرة، بدت لكما أكوام من صناديق العتاد التي يشرف عليها شابان غارقان في العرق من قسوة الشمس الساطعة.
رَبَتَ ريتشارد على كتف أحدهم وقال له:
- هل ستقاومون المدفعية والدبابات بهذه الأسلحة التقليدية؟
- نعم سنقاومها وبكل شراسة، لنا أسلحة أخرى في المقاومة ستراها.
- Good
أزيز قذيقة اجتازنا، سقطت القذيفة خلفنا بمئات الأمتار، لدقائق ارتفع دخان التراب من نقظة سقوطها، ثم تلاشى عن الأنظار، التقط ريتشارد المشهد، وصوب كاميرته نحو مجموعة أخرى من الرجال القاصدين الجبل وقال:
- إني محظوظ لكوني هنا، هذه فرصة العمر بالسنبة لي.
- ستشتهر يا ريتشارد وستكون لتقاريرك المصورة أثراً إيجابياً لنا.
- أنا واثق من ذلك، إن لم تصدني قذيفة مجنونة!!
- حتى القذائف تخشى من كاميرتك، لا تخف مطلقاً.
*********
ازدادت الكثافة النارية للمدفعية المعادية الموجهة للگهلی، بشكل همجي لا حد له.
كانت القوات النظامية العراقية بآلياتها الثقيلة، ومعداتها الحربية قد عسكرت في سهل السليفاني، وكانت بعض الدبابات وناقلات الجنود ومدافع 106مم في سيارات الجيب تتقدم بحذر من مفرق گرشین، ترافقها قوة مشاة تنتشر لمساحات واسعة حولها.
كانت الدلائل تشير ميدانياً إلى أن الجيش سيبدأ هجومه لاختراق الگهلی واحتلال زاخو التي ما تزال صادمدة. بدا أن الطائرات العمودية أيضاً بدأت بطلعاتها الجوية وفتح نيرانها باتجاه قوات البیشمرگه.
كانت لنا دوشكتان، إحداهما في (كهرڤين) اعلى قمة في الگهلی، ويديرها بیشمرگه متمرسون.. والأخرى في المرتفع المطل على الشارع الرئيسي، والذي كان النظام قد اتخذه سابقاً معسكراً له، وكانت قريبة من الموقع الذي نحن فيه.. كان البیشمرگه قد نصبوا مدفعين 120 ملم، الاول في الفسحة المسيطرة على الگهلی، والمواجهة لحقول الأزهار الحمراء، التي زينت الارض الخضراء، كان مجال الرؤيا مفتوحاً لسحق القوات التي تحوال البدأ بالتقدم. والمدفع الثاني كان على يساره بما يقارب الثلائمائة متر وعلى مرتفع، كانت قوتنا قد تمركزت بشكل دقيق في مدخل الگهلی ومرتفعاته المطلة على السهل، وعلى جناحي قرية(كولي) من اليمين وقرية (ترکژا) من اليسار..كان عدد قاذفات ال RBG لدى البیشمرگه لا يعدُ وعدد الهاونات أيضاً لا بأس به في المرتفعات. كانت الأوامر للقوات المنتشرة على جناحي الگهلی واضحة وصريحة بعدم فتح النار مطلقاً، والتحايل بالاختباء بدقة، لحين اقتراب قوات العدو، بحيث تكون هدفاً سهلا لأسلحتهم، ومباغتتهم بشراسة لتحقيق عنصر المفاجاة وإحباط معنوياتهم وانتزاع النصر.
ونحن نقترب أكثر من موقع الدوشكا المضاد للطائرات، أقبل نحونا بشوق الأصدقاء, وحيد و حسين حاجو اللباخ وابن عمه وعمر ومقاتل آخر. كان التعب بادياً على وجوههم، ابتسمنا لبعض، واتفقنا على أن نكون معاً، حقاً أحسست بشيء من الراحة النفسية بوجودهم..ما أن وصلنا إلى موقع الدوشكا الذي كان طاقمه يتكون من ثلاثة شبان في مقتبل العمر، حتى ظهرت طائرة هليكوبتر في سماء السهل، واقتربت بعض الشيء من مدى الرمي في الگهلی، أطلق عليها البیشمرگه عدداً من قاذفات الـ RBG وفتحت دوشكا (كةرفين) نيرانها الحارقة باتجاهها، وكذلك فعل طاقم الدوشكا الذي كنا معهم، إلا أن الطائرة اقتربت أكثر وفتحت نيرانها باتجاهنا، حينها ترك الرامي الدوشكا، وانبطح الآخرون أرضاً، ألقت الطائرة حمولتها، وعادت أدراجها..
قلت بهدوء للرامي:
- لا تطلق النار إلا إذا أصبحت الطائرة في مدى الرمي، لا تترك الدوشكا أبداً، فالطيار بشر مثلنا، وهو يدرك أن الدوشكا رمياً ستصيده.. واجه الطائرة بلا تردد وسترى كيف سيهرب الطيارون بطائراتهم وإلا فاتركها لي لأني قد مارست القتال على صنوف متعددة من المدافع المضادة للطائرات أثناء خدمتي العسكرية..
ابتسم الشاب ومسح العرق من على جبيبنه وقال:
- والله لو مزقتني الطائرة إلى قطع متناثرة، لن أترك الدوشكا، وسأواجهها بكل ما أملك من كبرياء.
حينها لم تتمالك نفسك من الغبطة، تقدمت نحوه، قبلته من جبينه، وقلت له:
- سيكون النصر لنا.
اشتد أكثر صراخ القذائف الطائرة في الجو. سمعنا صوت استغائة يأتي من المرتفعات خلفنا.
- ساعدوني، لقد استشهد أخي.
هب عدد من المقاتلين القريبين منه إلى موقع الحادث وبسرعة حمله اثنان، كانت شظايا القذيفة الملعونة المتناثرة قد أصابت رأس ذلك الشاب الذي فارق الحياة فوراً. وحين أوصلوه إلى الشارع العام لنقله إلى زاخو، صاح أخوه.
- خذوا أخي إلى زاخو، وأنا سأواصل القتال والإنتقام..
سمعنا هدير محركات الطائرة المروحية ثانية، وهي تحلق نحو الگهلی مباشرة. أُطلقت باتجاهها بعض قذائف RBG لم يفتح الشاب الجالس على مقعد الوشكا النار على الطائرةن وتمالك أعصابه، حتى اقتربت كثيراً من الگهلی، وأصبحت في مدى الرمي القاتل، وقبل أن تفتح هي النار, وجّه المقاتل إليها صلية دقيقة ومركزة، كادت أن تصبها، لولا أن الطيار انحرف بطائرته في اللحظة المانسبة مولياً الأدبار وملقياً بحمولته في الجو بشكل عشوائي والخوف ينتابه..
وارتفع صراخ البیشمرگه فرحاً يملأ كل أرجاء الگهلی:
- أحسنت ..أحسنت أيها البطل..
تفتحت الورود في خد الرامي والإثنان الآخران معه، وقال الرامي بشجاعة معلنة:
- ليأت أبن الكلبة ثانية، والله سأحرق الطائرة في الجو هذه المرة..
كانت القوات البرية العراقية تتقدم بحذر نحو جناحي الگهلی، تحت إسناد نيران المدفعية الثقيلة وصراخ قذائف الراجمات والدبابات التي كانت ترى بوضوح..
صدرت الأوامر من قيادة عمليات البیشمرگه لراميي المدفعين في الگهلی بفتح النار على رتل الدبابات المتقدمة.. وأدركنا أن ساعة الصفر قد اقتربت، حينها كانت الشمس تقترب بخجل من مشارف فيشخابور، وتحاول الهرب من ساحة النار..
لم تكتمل الدقيقة الأولى بعد السادسة مساء، حينما أطلق المدفع الأول لنا، إطلاقته الأولى صوب رتل الدبابات..سقطت القذيفة على يمينهم بأمتارعدة..أخذ الرامي يدور حول نفسه على رجل واحدة، مصفقاً بيديه وهو يرقص طرباً..
- والله لأصيدنكم الواحدة تلو الأخرى. هيا يا سگڤان أملا المدفع من جديد.
حينما كان سگڤان يضع القذيفة الثانية في المدفع، بدأ المدفع الثاني يعزف سمفونية العزاء الأخير للغزاة، وأخذ يدوي بشدة مخلفاً دائرة متطايرة من الغبار والتراب. تعالت زغاريد البیشمرگه، حينما أصابت القذيفة دبابة في المقدمة، اشتعلت فيها النار، ارتبك مسير رتل الدبابات وتفرق الرتل بشكل فوضوي، أطلق البیشمرگه بعض القذائف في الهوء فرحاً، لرفع معنويات المقاتلين أكثر.
- لقد أصبتها, لقد أحرقتها..
تعالى صياح الرامي وهو يقبل البیشمرگه بالقرب منه:
- هيا احشو المدفع ثانية، سنعلمهم درساً لن ينسوه أبداً.
بدأ المدفعان بالرمي المتواصل على الآليات، وسقطت قذيفة أخرى وسط حماية القائد العسكري وضباط أركانه، وأصابت شظاياها المتطايرة عدداً منهم، مما اربكهم وزاد من قلقهم، وجعلهم يتراجعون إلى الخلف..
صدرت الأوامر للبیشمرگه المختبئين قرب ترکژا والآخرين في أخدود الوادي على يسارهم بمهاجمة القوة البرية التي أصبحت في مرمى أسلحتهم والتي كانت تتقدمها سيارة جيب عليها مدفع 106 ملم.
انفتحت نيران البیشمرگه من الطرفين في آن متقارب نحو المشاة الذين كانوا مرصودين من لحظة تحركهم، وارتفع عويل الجنود وصراخهم من شدة المفاجاة والذهول الذي أصابهم، سقط العشرات منهم في الحال قتلى وجرحى ورمى الآخرون أسلحتهم ورفعوا أيديهم في الهواء معلنين الإستسلام:
- بخت الله وبخت ملا مصطفى لا تقتلونا.
- الله يخليكم إحنا جنود مساكين، مو بيدنا جينا هنا...
- آخ..آخ..أرجوكم اسعفوني, رجلي مصابة.
في لحظات كانت سيارة الجيب بمدفعها في قبضة البیشمرگه وتم أسر آمرها وطاقمها، وصدر الأمر حالاً بأخذها إلى زاخو، لزرع الثقة والإطمئنان في نفوس الناس.
واصل البیشمرگه تقدمهم نحو السهل بعد أن تم تعطيل دور قوة المشاة بصورة كاملة, وتم أسر أكثر من سبعين جندياً خلال أقل من نصف ساعة.. وتم ترتيب أمر احتجازهم ورعاية المصابين منهم لحين تسفيرهم إلى زاخو..
اشتد أكثر صراخ مدفعيتنا باتجاه آلياتهم ودباباتهم، وكذلك ساهمت الهاونات المتقدمة مع القوة المهاجمة بإلحاق الهزيمة في بقايا القوة المنهارة، والتي بدأت دباباتها وآلياتها بالتراجع والهرب من ساحة المركة وولت الأدبار باتجاه مفرق گرشین وفيشخابور..
كان الظلام قد خيم على ساحة المعركة، حينما كان البیشمرگه يواصلون تقدمهم سيراً على الأقدام باتجاه الفلول الهاربة. كانت الأنباء السارة وسيارة الجيب والجنود الأسرى، وأخبار الگهلی قد وصلت إلى زاخو، وهرع الناس بإرسال الطعام والخبز إلى البیشمرگه، حيث كانت بعض القلاقل قد حدثت عصراً في زاخو من قبل بعض العناصر الحاقدة، هكذا أعلمنا سائق القلابة التي جلبت لنا العشاء والخبز، تناولنا العشاء على عجل وأحسسنا لأول مرة بأن للبرغل طعماً لذيذاً جداً، حيث كنا جائعين إلى حدٍ لا يوصف..
واصلنا المسير طويلاً وكانت مجاميع أخرى سبقتنا، حيث كانت تحت أمرتهم بعض الآليات.
كانت القوة العسكرية الهاربة، قد تركت بعض الجرحى في مقر وحدة الميدان الطبية وهم يئنون تحت ثقل آلامهم في الموقع القريب من مفرق گرشین، حين وصلنا إليه شاهدنا الجرحى وهم يتوسلون بنا الرحمة والرعاية. كانت الأوامر مشددة جداً بضرورة عدم إيذاء الجرحى والأسرى ومعاملتهم بشكل إنساني وما يتلائم مع الأخلاق الكردية.
أسرعنا لتفحص الصناديق الكبيرة، وكانت فرحتنا كبيرة، حين وجدنا كميات كبيرة من الأدوية واللقاحات وبعض المعدات الطبية، حيث تم نقلها فوراً إلى زاخو، وذلك للنقص الحاد في الأدوية في المشفى الرئيسي. كان الليل قد انتصف والنجوم كانت تلألأ في كبد السماء.. ومعظم قواتنا كانت ما تزال في مفرق گرشین، وكانت علامات التعب والإرهاق بادية على الجميع..
لم نتمكن من ملاحقة القوات الهاربة أكثر من هذا الحد بسبب النقص في الآليات، وتراجعت بعض المجاميع والعودة إلى زاخو، بعد انتشار خبر ترك الأهالي للمدينة والتوجه صوب الجبال.
التقطت بطانية من وحدة الميدان الطبية وكذلك فعل الثلاثة الآخرون معي، حيث كان البرد يغزو أجسامنا في هذا السهل الشاسع الذي طهرناه من أقدام الغزاة.
قررنا العودة إلى زاخو أيضا سيراً على الأقدام، حيث كنا منهوكي القوى وبالكاد نستطيع السير، وفي الطريق توقفنا عدة مرات للاستراحة، حيث خارت قوانا البدنية بشكل كبير جداً، حينما وصلنا مشارف زاخو، بدأت خيوط الفجر الأولى تنتشر في المدينة التي كانت شبه مهجورة والخابور كان يغني:
- لكم المجد يا شبان الإنتفاضة.
الخميس مايو 03, 2018 1:21 pm من طرف عبد الستار حسين
» "آلان الكردي"أسمعت لو ناديت حياً لكن لا حياة لمن تناد.عبدالستار حسين
الإثنين نوفمبر 23, 2015 2:03 am من طرف عبد الستار حسين
» مونامور وتركيا تعزف على أنغام أردوغان
الأربعاء مايو 27, 2015 2:02 am من طرف عبد الستار حسين
» إخماد النار في المنطقة... بقلم: عبد الستار حسين
الثلاثاء مايو 05, 2015 4:07 am من طرف عبد الستار حسين
» ولا في الأحلام !.. بقلم: عبد الستار حسين
الأربعاء يناير 28, 2015 5:24 am من طرف عبد الستار حسين
» مهنة الكاتب هذه الايام
الأربعاء مايو 28, 2014 2:47 am من طرف عبد الستار حسين
» هاي llmk lkm jvpf; fdh
الأحد مايو 25, 2014 1:52 am من طرف عبد الستار حسين
» شعر مسعود خلف عن حنان الام
الإثنين فبراير 10, 2014 8:54 am من طرف mayalolo
» لو كنت أصغر...
الإثنين فبراير 10, 2014 8:53 am من طرف mayalolo
» ازقة قريتي خزنة
الإثنين فبراير 10, 2014 8:53 am من طرف mayalolo